في السنوات الأخيرة، تكثفت المناقشات حول مسألة ما إذا كانت الأطعمة العضوية أكثر صحة من نظيراتها التقليدية أو المصنعة. في حين ينظر بعض الأفراد إلى الأطعمة العضوية باعتبارها مجرد اتجاه، يزعم آخرون أن هذه المنتجات المزروعة بشكل طبيعي ضرورية للحفاظ على الصحة والرفاهية. تدعم مجموعة متزايدة من الأبحاث العلمية فكرة أن الأطعمة العضوية توفر مزايا صحية كبيرة مقارنة بالأطعمة المصنعة. فيما يلي بعض الأبحاث العلمية ونتائجها.
أظهر تحليل عام 2014 الذي أجرته المجلة البريطانية للتغذية قيمة غذائية محسنة
تتمثل إحدى أعظم مزايا الأطعمة العضوية في ارتفاع مستوى العناصر الغذائية بها. وقد لوحظ أن الفواكه والخضروات والحبوب المزروعة عضويًا تحتوي على نسبة أعلى من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة مقارنة بالمنتجات الغذائية المزروعة بالطريقة التقليدية.
قام تحليل تلوي عام 2014 نشرته المجلة البريطانية للتغذية بمقارنة المحتوى الغذائي في الأطعمة العضوية والتقليدية من خلال إجراء تحليل عبر 343 دراسة. أظهرت النتائج أن كميات مضادات الأكسدة في المحاصيل النباتية كانت أعلى بشكل ملحوظ، حيث وصلت إلى 19% -69% أعلى مقارنة بالمحاصيل المنتجة بطريقة غير عضوية. تعمل مضادات الأكسدة على حماية الجسم من الجذور الحرة، وبالتالي، يمكن أن يكون لها تأثير وقائي ضد الأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب.
كما وجدت الدراسة أن المحاصيل العضوية تحتوي على نسبة أقل من الكادميوم وبقايا المبيدات الحشرية. مثل هذا الوضع يجعل اختيار الأطعمة العضوية أكثر أمانًا للاستهلاك طويل الأمد، خاصة عندما يشعر المستهلكون بالقلق بشأن التعرض للمواد الكيميائية والسمية المعدنية الثقيلة.
وجدت دراسة أجريت عام 2019 في Environmental Research مبيدات حشرية ومواد كيميائية ضارة أقل
غالبًا ما تحتوي الأطعمة المصنعة على معظم المبيدات الحشرية الاصطناعية ومبيدات الأعشاب والأسمدة المستخدمة في الزراعة غير العضوية. تلتصق هذه المواد الكيميائية في الغالب بالمواد الغذائية وقد لا يتم غسلها. قد يؤدي تناول هذا النوع من المواد الغذائية بشكل مستمر إلى تراكم بقايا ذات صلة في الجسم، مما قد يؤدي إلى نتائج صحية غير مرغوب فيها مثل الاضطرابات الهرمونية أو السمية المناعية أو حتى السرطان.
وجدت دراسة أجريت عام 2019 في مجلة Environmental Research أن النظام الغذائي العضوي يمكن أن يقلل من كمية بقايا المبيدات الحشرية في جسم الإنسان بمقدار كبير. تتبع الباحثون مستويات المبيدات الحشرية في بول المشاركين قبل وبعد التحول إلى نظام غذائي عضوي. بعد أسبوع واحد، أظهر المشاركون انخفاضًا كبيرًا في مستويات المبيدات الحشرية، حيث وصلت بعض البقايا إلى 90٪.
يؤكد هذا الدليل على فعالية الأطعمة العضوية في تقليل التعرض للمواد الكيميائية الضارة.
أظهرت دراسة نشرت عام 2016 في المجلة البريطانية للتغذية أنها أفضل لصحة القلب
على وجه الخصوص، ثبت أن منتجات الألبان واللحوم العضوية تحتوي على مستويات أحماض دهنية أكثر مرغوبية من نظيراتها غير العضوية. وفقًا لدراسة أجريت عام 2016 ونشرت في المجلة البريطانية للتغذية، يحتوي الحليب واللحوم العضوية على حوالي 50٪ من أحماض أوميجا 3 الدهنية أكثر من الحليب واللحوم التقليدية.
تلعب أحماض أوميجا 3 الدهنية دورًا كبيرًا في صحة القلب؛ فهي تساعد في خفض مستوى الالتهاب، وبالتالي خفض ضغط الدم وتقليل احتمالية الإصابة بأمراض القلب. نادرًا ما توجد هذه الدهون الصحية في الأطعمة المصنعة، والتي تتكون في الغالب من كميات هائلة من الدهون المتحولة الضارة وأحماض أوميجا 6 الدهنية، والتي قد تؤدي إلى الالتهاب، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
في الأساس، قد يُعزى التباين في محتوى الأحماض الدهنية بشكل كبير إلى ممارسات الزراعة العضوية التي تؤكد على الرعي الطبيعي وتوفر نظامًا غذائيًا غنيًا بالأعشاب للحيوانات؛ وهذا يثري بشكل طبيعي أوميجا 3 الموجودة في حليبها ولحومها.
دراسة عام 2018 التي أجرتها Frontiers in Microbiology تظهر انخفاض فرص مقاومة المضادات الحيوية:
لقد أدى الاستخدام المرتفع للمضادات الحيوية في إنتاج الماشية التقليدي إلى زيادة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة. غالبًا ما تأتي اللحوم المصنعة ومنتجات الألبان من حيوانات يتم تربيتها باستخدام المضادات الحيوية بانتظام، مما قد يسهل بدوره تطور وانتشار البكتيريا المقاومة.
في معايير الزراعة العضوية، يُحظر تمامًا استخدام المضادات الحيوية في الماشية، إلا في الحالات التي يكون فيها ذلك ضروريًا حقًا لعلاج المرض. وخلصت إحدى الدراسات التي أجرتها Frontiers in Microbiology في عام 2018 إلى أن ممارسات الزراعة العضوية تقلل بشكل كبير من انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في المنتجات الغذائية. وفي هذا الصدد، تعد اللحوم ومنتجات الألبان العضوية خيارًا أكثر أمانًا فيما يتعلق بصحة الفرد وكجزء من المعركة الأكبر ضد مقاومة المضادات الحيوية.
أظهرت دراسة أجرتها Public Health Nutrition في عام 2015 انخفاض خطر الإصابة بالسمنة والأمراض المرتبطة بها
غالبًا ما تحتوي الأطعمة المصنعة على نسبة عالية من السكريات المضافة والدهون ذات التركيبات غير الصحية والمكونات الاصطناعية والمواد الحافظة، وكلها مرتبطة بالتسبب في السمنة والأمراض المرتبطة بالسمنة والتي تشمل مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والمتلازمات الأيضية. بشكل عام، تعتبر مثل هذه الأطعمة ذات جودة غذائية منخفضة وتوفر محتوى عاليًا من السعرات الحرارية الفارغة، مما يؤدي إلى زيادة الوزن ونقص العناصر الغذائية.
ومع ذلك، فإن الأطعمة العضوية تتم معالجتها بشكل بسيط ولا يتم إضافة أي إضافات صناعية إليها. وبالتالي، فإن مثل هذه المنتجات الغذائية أقل عرضة لاحتواء كميات زائدة من السكريات المضافة أو الدهون غير الصحية. وفقًا لدراسة أجرتها Public Health Nutrition في عام 2015، فإن الاستهلاك المستمر للأطعمة العضوية يؤدي عادةً إلى انخفاض مؤشر كتلة الجسم وانخفاض خطر الإصابة بالسمنة مقارنة بالأفراد الذين يتناولون في المقام الأول أطعمة ذات مستويات معالجة عالية.
وبالتالي فإن الارتباط هو أن النظام الغذائي العضوي الذي يهيمن عليه الطعام الكامل غير المعالج يمكن أن يساعد في ضمان وزن صحي وتقليل المخاطر المرتبطة بالسمنة والأمراض المزمنة ذات الصلة.
في حين أن هناك الكثير من الأبحاث الأخرى التي تثبت مدى فائدة الأطعمة العضوية، نود أن نختتم بالقول – من الناحية العلمية، ثبت أن مفهوم الأطعمة العضوية أكثر صحة مقارنة بالأطعمة المصنعة. مع مستويات غذائية أعلى، وتناول أقل للمواد الكيميائية السامة، وعدد أقل من ملوثات الطعام بشكل عام، فإن قائمة الفوائد التي يمكن أن يقدمها الطعام العضوي لتحسين صحة الفرد بشكل عام طويلة. سواء كان الأمر يتعلق بصحة القلب والأوعية الدموية، أو الوقاية من السمنة، أو مجرد تجنب تناول المبيدات الحشرية والمواد المضافة، يبدو أن الأطعمة العضوية خيار حكيم ومثبت علميًا. وبالتالي، فإن دمج الأطعمة العضوية في نظامك الغذائي المعتاد هو استثمار في صحتك مع تعزيز نمط حياة يغذي ليس فقط الرفاهية ولكن أيضًا صحة البيئة.