هل تساءلت يومًا لماذا يعيش سكان “المناطق الزرقاء” حول العالم – تلك المناطق التي تتميز بعمر مديد للغاية مثل أوكيناوا (اليابان)، وسردينيا (إيطاليا)، ونيكويا (كوستاريكا)، وإيكاريا (اليونان)، ولوما ليندا (كاليفورنيا) – غالبًا ما يتجاوزون المائة عام بنشاطٍ فائض؟ اتضح أن سر لياقتهم البدنية يكمن في… حسنًا، في عدم اتباعهم أي روتين لياقة بدنية رسمي على الإطلاق! دعونا نكشف النقاب عن التمارين الرياضية الخفية المتداخلة في أنماط حياتهم، بالاستعانة بالبحث العلمي، والروايات المباشرة، وحكمة سكان “المناطق الزرقاء” أنفسهم.
المناطق الزرقاء: ما هي ولماذا يعيش الناس كل هذه المدة؟
المناطق الزرقاء هي مناطق جغرافية يعيش فيها عدد أكبر من الناس حتى المائة عام (أو أكثر) مقارنةً بأي مكان آخر على وجه الأرض. وقد قام دان بويتنر وفريقه في ناشيونال جيوغرافيك بتصنيف القواسم المشتركة في نمط حياتهم، مما أدى إلى ظهور “القوة التسع” الشهيرة – وهي تسع عادات يُعتقد أنها تُسهم في صحة وطول عمر ملحوظين. على الرغم من أن النظام الغذائي، والهدف، والمجتمع من أهم العوامل، إلا أن الحركة اليومية تُشكل رابطًا عالميًا.
الروتين الرياضي “السري”: طبيعي، غير منظم، و”خفي”
إليكم الحقيقة الصادمة: لا يمارس المعمرون في “المنطقة الزرقاء” تمارينهم في الصالات الرياضية، ولا يحضرون حصص التدريب المتقطع عالي الكثافة، ولا يهتمون كثيرًا بعدد الخطوات. معظمهم لا يعرفون حتى ما هو “الروتين”! بدلًا من ذلك، تمتلئ أيامهم بالأنشطة العرضية – كالبستنة، والمشي مع الأصدقاء، والرقص، والأعمال اليدوية، ورعاية الحيوانات، وصعود السلالم، والجلوس القرفصاء، وحمل الأشياء، والقفز على الأرض.
“لا يحقق المعمرون في “المناطق الزرقاء” طول عمرهم من خلال إنجازات تستحق أن تُنشر على إنستغرام في الصالات الرياضية، بل من خلال دمج الحركة الطبيعية في حياتهم بسلاسة تامة بحيث تصبح جزءًا لا شعوريًا تقريبًا (وإن كان فعالًا للغاية) من لياقتهم البدنية وصحتهم العامة.”
الحركة الطبيعية: أنشطة المنطقة الزرقاء الأساسية
- المشي الهادف
يمشي معظم كبار السن في كل مكان – عبر القرى الجبلية، إلى الأسواق، وزيارة الجيران. في سردينيا، يجوب الرعاة الأراضي الوعرة يوميًا؛ وفي أوكيناوا، تكثر النزهات في الطبيعة والتجمعات الاجتماعية.
نصيحة لإطالة العمر: امشِ بدلًا من القيادة، اصعد السلالم، امشِ على أرض متغيرة، واجعل المشي جزءًا من طقوسك اليومية.
- البستنة والعمل اليدوي
زراعة الطعام ليست مجرد مصدر رزق – إنها تمارين مقاومة، وتمارين كارديو، ويقظة ذهنية في آن واحد. الحفر، والزراعة، وحمل الماء، وقلع الأعشاب الضارة – يمارسها المعمرون حتى سن متقدمة جدًا.
أهميتها: تتضمن البستنة الانحناء، والقرفصاء، والالتواء، والرفع، والتمدد – وهي حركات وظيفية أساسية تحافظ على ليونة المفاصل وقوة العضلات.
٣. القرفصاء العميق والتحولات على الأرض
كبار السن في المنطقة الزرقاء بارعون في “الجلوس والنهوض” – فكروا في القرفصاء العميق، والجلوس متربعين، والوقوف بدون استخدام اليدين. في إيكاريا وأوكيناوا، يتناول الأطفال وكبار السن الطعام ويتواصلون اجتماعيًا بشكل روتيني على سجادات أرضية.
نصيحة لإطالة العمر: مارس القرفصاء العميق، واجلس بانتظام على الأرض، ثم قف دون استخدام اليدين أو الأثاث. إنه مؤشر قوي بشكل مدهش على الحركة والصحة.
٤. حمل الأثقال
من البقالة إلى حطب الوقود، يحمل المعمرون عادةً أحمالًا ثقيلة (ولكن يمكن التحكم فيها). هذا “الحمل البسيط” يقوي قبضة اليد والكتفين والعضلات الأساسية – وكلها مرتبطة بطول العمر.
جرب هذا: تجنب عربة التسوق واحمل مشترياتك، أو مارس المشي المحمل في المنزل لتقوية قبضة اليد والعضلات الأساسية.
٥. الرقص، والأنشطة الجماعية، واللعب
الحركة اجتماعية: الألعاب الجماعية، والرقص، واللعب مع الأطفال كلها أنشطة شائعة. في لوما ليندا، تُبقي رياضة البيكلبول والسباحة المجتمعات مترابطة ونشطة.
السر: نادرًا ما تكون الحركة في المناطق الزرقاء انفرادية؛ بل تتمحور حول الصداقات والمرح والهدف.
الاعتدال في التمارين الرياضية: لا مجال للتطرف
على عكس ثقافة اللياقة البدنية الغربية – التي تُمجّد بذل المزيد من الجهد، والتعرق أكثر، والسعي لتحقيق أفضل الأرقام القياسية الشخصية – نادرًا ما يمارس المعمرون في المنطقة الزرقاء رياضات شاقة أو تمارين رياضية مُنظّمة. حركتهم معتدلة الشدة، تُبنى ببطء على مدار العمر، ونادرًا ما تتوقف – حتى في سن الشيخوخة.
“قد يكون من المفيد التخلي عن عقيدة “الاجتهاد في التمارين أو العودة إلى المنزل” التي تدفع الكثيرين منا إلى البدء بقوة، ثم العودة إلى المنزل والبقاء فيه! بدلًا من ذلك، تصرّف مثل المعمرين في المنطقة الزرقاء واستغلّ قوة التمارين المعتدلة.”
لماذا ينجح روتينهم غير الرياضي؟
حركة مستمرة ومتسقة
يمارس المعمرون حركة طبيعية يوميًا، وليس بشكل متقطع.
81% من أنشطة المنطقة الزرقاء معتدلة الشدة: المشي، البستنة، حمل الأواني، رعاية الحيوانات، الأعمال المنزلية.
الاعتماد على “التمارين العرضية” يُحافظ على صحة العضلات والعظام والجهاز القلبي الوعائي دون إصابات ناتجة عن الإفراط في الاستخدام أو الإرهاق.
حركات وظيفية متعددة المستويات
تُحاكي أنشطة مثل القرفصاء والتسلق والحمل أنماط البقاء البشرية القديمة، حيث تُشغّل أكثر من 200 عضلة وتُحافظ على صحة المفاصل.
حياة اجتماعية نشطة وإحساس بالهدف
تُنسج الحركة في المناسبات الاجتماعية والعمل اليومي والطقوس المجتمعية، مما يُعزز الروابط الاجتماعية التي تُطيل العمر أيضًا.
لا عوائق – الحركة في متناول الجميع
لا تحتاج إلى معدات باهظة الثمن أو عضوية. حركة “المنطقة الزرقاء” مُتاحة للجميع، حيث يُمكن لأي شخص الانضمام إليها، بغض النظر عن عمره أو دخله.
تمارين “المنطقة الزرقاء” والعلوم الحديثة
يُقلل النشاط البدني من خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والخرف، وكلها مثبتة بدراسات لا حصر لها.
تمارين القوة – حتى الأشكال البسيطة منها مثل البستنة – تُطيل العمر، وتُحافظ على الاستقلالية، وتُساعد حتى في مُكافحة الاكتئاب والقلق.
قوة القبضة والقدرة على الحركة (القدرة على النهوض من الأرض) تُنبئ بخطر الوفاة.
ترتبط دقيقة واحدة من الحركة المُحفِّزة لمعدل ضربات القلب عدة مرات يوميًا بانخفاض كبير في خطر الوفاة المُبكِّرة.
الرياضات الجماعية، والمشي الجماعي، والرقص – تُحافظ على مستوى عالٍ من التحفيز وتُقلِّل من هرمونات التوتر.
كيف تُوجِّه معمِّري المنطقة الزرقاء – لا حاجة للصالة الرياضية
اتبع هذه النصائح:
امشِ لقضاء المهمات، اصعد السلالم، تجنَّب المصاعد.
اهتم بالحديقة، أو نظِّفها، أو قم بأعمال خفيفة في الفناء أسبوعيًا.
تدرب على النهوض من الأرض دون استخدام اليدين.
احمل معك البقالة، أو زجاجات المياه، أو الأطفال الصغار – تجنَّب عربة الأطفال قدر الإمكان.
ارقص مع الأصدقاء، أو انضم إلى جولات المشي الجماعية، أو نظِّم أنشطة رياضية غير رسمية.
اجعل الحركة جزءًا طبيعيًا وممتعًا من إيقاعك اليومي، وليس مهمة روتينية.
الحقيقة المُضمَرة: لستَ بحاجة لأن تكون رياضيًا!
روتين التمارين “السري” لمعمري المنطقة الزرقاء ليس سرًا على الإطلاق – إنه حركة طبيعية، تُمارس بانتظام، بفرح، وهدف، ورفقة الأصدقاء. الأمر لا يتعلق بالكثافة، بل بالتكرار. يتعلق أكثر بالتواصل الاجتماعي، وأقل بالأرقام القياسية الشخصية.
لا معدات رياضية فاخرة، ولا برامج صارمة، فقط عِش حياتك بنشاط. لذا، استمتع بتمارين القرفصاء، والتنزه، والبستنة، وتحرك كما تشاء الطبيعة – وقد تنضم إلى صفوف أسعد المعمرين في العالم.